Skip to content

Instantly share code, notes, and snippets.

@Elrashid
Last active March 30, 2024 10:27
Show Gist options
  • Save Elrashid/81d2eaeee64b43f6b9198dd9e0c078c8 to your computer and use it in GitHub Desktop.
Save Elrashid/81d2eaeee64b43f6b9198dd9e0c078c8 to your computer and use it in GitHub Desktop.
d
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
وأومض البرق في الظلماء من إضم
فما لعينيك إن قلت اكففا همتا
وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم
ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل
ولا أرقت لذكر البان والعلم
فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت
به عليك عدول الدمع والسقم
وأثبت الوجد خطي عبرة وضنى
مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني
والحب يعترض اللذات بالألم
يا لائمي في الهوى العذري معذرة
مني إليك ولو أنصفت لم تلم
عدتك حالي لا سري بمستتر
عن الوشاة ولادائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعه
إن المحب عن العذال في صمم
إني اتهمت نصيح الشيب في عذل
والشيب أبعد في نصح عن التهم
فإن أمارتي بالسوء مااتعظت
من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى
ضيف الم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره
كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي برد جماح من غوايتها
كما يرد جماح الخيل باللجم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها
إن الطعام يقوي شهوة النهم
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمال سائمة
وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة
من حيث لم يدر أن السم في الدسم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع
فرب مخمصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
من المحارم والزم حمية الندم
وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن هما محضاك النصح فاتهم
ولا تطع منهما خصما ولا حكما
فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قول بلا عمل
لقد نسبت به نسلا لذي عقم
أمرتك الخير لكن ماائتمرت به
وما استقمت فماقولي لك استقم
ولا تزودت قبل الموت نافلة
ولم أصل سوى فرض ولم أصم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى
أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى
تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب
عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته
إن الضرورة لاتعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
محمد سيد الكونين والثقلين
والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد
أبر في قول «لا» منه ولا «نعم»
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق
ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس
غرفا من البحر أو رشفا من الديم
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أومن شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيبا بارىء النسم
منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما
أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعمل العقول به
حرصا علينا فلم ولم نهم
أعيا الورى فهم معانه فليس يرى
في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد
صغيرة وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته
قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر
وأنه خير خلق الله كلهم
وكل آي أتى الرسل الكرام بها
فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها
يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف
والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه وهو فرد من جلالته
في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه
طوبى لمنتشق منه وملتئم
أبان مولده عن طيب عنصره
يا طيب مبتدإ منه ومختتم
يوم تفرس فيه الفرس أنهم
قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدع
كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف
عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساء ساوة أن غاضت بحيرتها
ورد واردها بالغيظ حين ظمى
كأن بالنار مابالماء من بلل
حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
والجن تهتف والأنوار ساطعة
والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم
تسمع وبارقة الإنذار لم تشم
من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم
بأن دينهم المعوج لم يقم
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب
منقضة وفق مافي الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحي منهزم
من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هربا أبطال أبرهة
أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي
نبذا به بعد تسبيح ببطنهما
نبذ المسبح من أحشاء ملتقم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
تمشي إليه على ساق بلا قدم
كأنما سطرت سطرا لما كتبت
فروعها من بديع الخط في اللقم
مثل الغمامة أنى سار سائرة
تقيه حر وطيس للهجير حمي
أقسمت بالقمر المنشق إن له
من قلبه نسبة مبرورة القسم
وما حوى الغار من خير ومن كرم
وكل طرف من الكفار عنه عمي
فالصدق في الغار والصديق لم يرما
وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنو العنكبوت على
خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفة
من الدروع وعن عال من الأطم
ما سامني الدهر ضيما واستجرت به
إلا استلمت الندى من خير مستلم
لاتنكر الوحي من رؤياه إن له
قلبا إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغ من نبوته
فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحي بمكتسب
ولا نبي على غيب بمتهم
كم أبرأت وصبا باللمس راحته
وأطلقت أربا من ربقة اللمم
وأحيت السنة الشهباء دعوته
حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارض جاد أو خلت البطاح بها
سيب من اليم أو سيل من العرم
دعني ووصفي آيات له ظهرت
ظهور نار القرى ليلا على علم
فالدر يزداد حسنا وهو منتظم
وليس ينقص قدرا غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى
ما فيه من كرم الأخلاق والشيم
آيات حق من الرحمن محدثة
قديمة صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمان وهي تخبرنا
عن المعاد وعن عاد وعن إرم
دامت لدينا ففاقت كل معجزة
من النبيين إذ جاءت ولم تدم
محكمات فما تبقين من شبه
لذي شقاق وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حرب
أعدى الأعادي إليها ملقي السلم
ردت بلاغتها دعوى معارضها
رد الغيور يد الجاني عن الحرم
وفوق جوهره في الحسن والقيم
فما تعد ولا تحصى عجائبها
ولا تسام على الإكثار بالسأم
قرت بها عين قاريها فقلت له
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفة من حر نار لظى
أطفأت نار لظى من وردها الشبم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به
من العصاة وقد جاءوه كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدلة
فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسود راح ينكرها
تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
ياخير من يمم لعافون ساحته
سعيا وفوق متون الأينق الرسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبر
ومن هو النعمة العظمى لمغتنم
سريت من حرم ليلا إلى حرم
كما سرى البدر في داج من الظلم
وبت ترقى إلى أن نلت منزلة
من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدمتك جميع الأنبياء بها
والرسل تقديم مخدوم على خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم
في موكب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق
من الدنو ولا مرقي لمستنم
خفضت كل مقام بالإضافة إذ
نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
كيما تفوز بوصل أي مستتر
عن العيون وسر أي مكتتم
فحزت كل فخار غير مشترك
وجزت كل مقام غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتب
وعز إدراك ما أوليت من نعم
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا
من العناية ركنا غيرمنهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته
كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
ما زال يلقاهم في كل معترك
حتى حكوا بالقنا لحما على وضم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به
أشلاء شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها
ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
كأنما الدين ضيف حل ساحتهم
بكل قرم إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميس فوق سابحة
يرمي بموج من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسب
يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم
من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولة أبدا منهم بخير أب
وخير بعل فلم تيتم ولم تئم
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم
ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا
فصول حتف لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمرا بعد ما وردت
من العدا كل مسود من اللمم
والكاتبين بسمر الخط ما تركت
أقلامهم حرف جسم غبر منعجم
شاكي السلاح لهم سيمى تميزهم
والورد يمتاز بالسيمى عن السلم
تهدى إليك رياح النصر نشرهم
فتحسب الزهر في الأكمام كل كمي
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا
من شدة الحزم لا من شدة الحزم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا
فما تفرق بين البهم والبهم
ومن تكن برسول الله نصرته
إن تلقه الأسد في آجامها تجم
ولن ترى من ولي غير منتصر
به ولا من عدو غير منقصم
أحل أمته في حرز ملته
كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جدل
فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأمي معجزة
في الجاهلية والتأديب في اليتم
خدمته بمديح أستقيل به
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
إذ قلداني ما تخشى عواقبه
كأنني بهما هدي من النعم
أطعت غي الصبا في الحالتين وما
حصلت إلا على الآثام والندم
فياخسارة نفس في تجارتها
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ومن يبع آجلا منه بعاجله
يبن له الغبن في بيع وفي سلم
إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض
من النبي ولا حبلي بمنصرم
فإن لي ذمة منه بتسميتي
محمدا وهو الخليق بالذمم
فضلا وإلا فقل يازلة القدم
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه
أو يرجع الجار منه غير محترم
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه
وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يدا تربت
إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت
يدا زهير بما أثنى على هرم
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي
إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا و ضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت
إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها
تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب واجعل رجائي غير منعكس
لديك واجعل حسابي غير منخزم
والطف بعبدك في الدارين إن له
صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم
وائذن لسحب صلاة منك دائمة
على النبي بمنهل ومنسجم
ما رنحت عذبات البان ريح صبا
وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍ
وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا
ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ
ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ
ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ
بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًى
مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني
والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً
منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ
عن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ
إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ
والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ
من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى
ضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ
لو كنت أعلم أني ما أوقره
كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي بِرَدِّ جماحٍ من غوايتها
كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها
إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على
حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ
إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ
وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً
من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع
فَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ
مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما
وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً
فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ
وما استقمتُ فماقولي لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ً
ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلى
أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى
تحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ
عن نفسهِ فأراها أيما شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ
إنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ
لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ
والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ
مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ
فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ
ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ
غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ
من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه
ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ
مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ
وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ
حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً
أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ
حِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى
في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ
صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ
قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ
وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها
فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها
يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ
بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ
والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ
في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ
من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ
طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ
يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُ
قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ
كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ
عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ
وساء ساوة أن غاضتْ بحيرتها
ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ
حُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌ
والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ
تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ
بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ
منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ
من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ
أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما
نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً
تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ
فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ
تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ
مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم
وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما
وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على
خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ
من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ
إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ
قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ
فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ
وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ
وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ
حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها
سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ
ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ
وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى
ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ
قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا
عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ
مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ
لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ
أَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها
ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها
ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له
لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى
أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّبمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به
مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً
فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها
تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ
ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ
سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ
وَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ
كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً
من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها
والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ
في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ
من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ
نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ
عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ
وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ
وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا
من العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ
لمَّا دعا الله داعينا لطاعتهِ
بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ
كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ
حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم
ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ
أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها
ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ
بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍ
يرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ
يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم
حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ
مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم
مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ
وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ
ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم
وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً
فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم
المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت
من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ
أقلامهمْ حرفَ جسمٍ غبرَ منعجمِ
شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ
والوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ
تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ
فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً
مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم
طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاً
فما تُفَرِّقُ بين البهم والبُهمِ
ومن تكنْ برسول الله نصرتُه
إن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ
بهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْقصمِ
أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ
كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم
كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ
فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ً
في الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ
خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ
ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ
كَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم
أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا
حصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ
فياخسارة َ نفسٍ في تجارتها
لم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ
يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ
إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ
مِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ
فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي
مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ
فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ
أو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ
وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ
إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ
يدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ
يا أكرَمَ الخلق مالي مَنْ أَلُوذُ به
سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي
إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها
ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْ
إنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها
تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ
لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينَِّ إن لهُ
صبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍ
على النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباً
وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ
أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة وأومض البرق في الظلماء من إضم
فما لعينيك إن قلت اكففا همتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل ولا أرقت لذكر البان والعلم
فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقم
وأثبت الوجد خطي عبرة وضنى مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني والحب يعترض اللذات بالألم
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلم
عدتك حالي لا سري بمستتر عن الوشاة ولادائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعه إن المحب عن العذال في صمم
إني اتهمت نصيح الشيب في عذل والشيب أبعد في نصح عن التهم
فإن أمارتي بالسوء مااتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ضيف الم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي برد جماح من غوايتها كما يرد جماح الخيل باللجم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النهم
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمال سائمة وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة من حيث لم يدر أن السم في الدسم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع فرب مخمصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندم
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتهم
ولا تطع منهما خصما ولا حكما فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قول بلا عمل لقد نسبت به نسلا لذي عقم
أمرتك الخير لكن ماائتمرت به وما استقمت فماقولي لك استقم
ولا تزودت قبل الموت نافلة ولم أصل سوى فرض ولم أصم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لاتعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد أبر في قول «لا» منه ولا «نعم»
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر أو رشفا من الديم
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أومن شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيبا بارىء النسم
منزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعمل العقول به حرصا علينا فلم ولم نهم
أعيا الورى فهم معانه فليس يرى في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد صغيرة وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
وكل آي أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه وهو فرد من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه طوبى لمنتشق منه وملتئم
أبان مولده عن طيب عنصره يا طيب مبتدإ منه ومختتم
يوم تفرس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدع كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ورد واردها بالغيظ حين ظمى
كأن بالنار مابالماء من بلل حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
والجن تهتف والأنوار ساطعة والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم تسمع وبارقة الإنذار لم تشم
من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم بأن دينهم المعوج لم يقم
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضة وفق مافي الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحي منهزم من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هربا أبطال أبرهة أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي
نبذا به بعد تسبيح ببطنهما نبذ المسبح من أحشاء ملتقم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشي إليه على ساق بلا قدم
كأنما سطرت سطرا لما كتبت فروعها من بديع الخط في اللقم
مثل الغمامة أنى سار سائرة تقيه حر وطيس للهجير حمي
أقسمت بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبة مبرورة القسم
وما حوى الغار من خير ومن كرم وكل طرف من الكفار عنه عمي
فالصدق في الغار والصديق لم يرما وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنو العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم
ما سامني الدهر ضيما واستجرت به إلا استلمت الندى من خير مستلم
لاتنكر الوحي من رؤياه إن له قلبا إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغ من نبوته فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحي بمكتسب ولا نبي على غيب بمتهم
كم أبرأت وصبا باللمس راحته وأطلقت أربا من ربقة اللمم
وأحيت السنة الشهباء دعوته حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارض جاد أو خلت البطاح بها سيب من اليم أو سيل من العرم
دعني ووصفي آيات له ظهرت ظهور نار القرى ليلا على علم
فالدر يزداد حسنا وهو منتظم وليس ينقص قدرا غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشيم
آيات حق من الرحمن محدثة قديمة صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمان وهي تخبرنا عن المعاد وعن عاد وعن إرم
دامت لدينا ففاقت كل معجزة من النبيين إذ جاءت ولم تدم
محكمات فما تبقين من شبه لذي شقاق وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حرب أعدى الأعادي إليها ملقي السلم
ردت بلاغتها دعوى معارضها رد الغيور يد الجاني عن الحرم
وفوق جوهره في الحسن والقيم فما تعد ولا تحصى عجائبها
ولا تسام على الإكثار بالسأم قرت بها عين قاريها فقلت له
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم إن تتلها خيفة من حر نار لظى
أطفأت نار لظى من وردها الشبم كأنها الحوض تبيض الوجوه به
من العصاة وقد جاءوه كالحمم وكالصراط وكالميزان معدلة
فالقسط من غيرها في الناس لم يقم لا تعجبن لحسود راح ينكرها
تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم ياخير من يمم لعافون ساحته
سعيا وفوق متون الأينق الرسم ومن هو الآية الكبرى لمعتبر
ومن هو النعمة العظمى لمغتنم سريت من حرم ليلا إلى حرم
كما سرى البدر في داج من الظلم وبت ترقى إلى أن نلت منزلة
من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم وقدمتك جميع الأنبياء بها
والرسل تقديم مخدوم على خدم وأنت تخترق السبع الطباق بهم
في موكب كنت فيه صاحب العلم حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق
من الدنو ولا مرقي لمستنم خفضت كل مقام بالإضافة إذ
نوديت بالرفع مثل المفرد العلم كيما تفوز بوصل أي مستتر
عن العيون وسر أي مكتتم فحزت كل فخار غير مشترك
وجزت كل مقام غير مزدحم وجل مقدار ما وليت من رتب
وعز إدراك ما أوليت من نعم بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا
من العناية ركنا غيرمنهدم لما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم راعت قلوب العدا أنباء بعثته
كنبأة أجفلت غفلا من الغنم ما زال يلقاهم في كل معترك
حتى حكوا بالقنا لحما على وضم ودوا الفرار فكادوا يغبطون به
أشلاء شالت مع العقبان والرخم تمضي الليالي ولا يدرون عدتها
ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم كأنما الدين ضيف حل ساحتهم
بكل قرم إلى لحم العدا قرم يجر بحر خميس فوق سابحة
يرمي بموج من الأبطال ملتطم من كل منتدب لله محتسب
يسطو بمستأصل للكفر مصطلم حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم
من بعد غربتها موصولة الرحم مكفولة أبدا منهم بخير أب
وخير بعل فلم تيتم ولم تئم هم الجبال فسل عنهم مصادمهم
ماذا رأى منهم في كل مصطدم وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا
فصول حتف لهم أدهى من الوخم المصدري البيض حمرا بعد ما وردت
من العدا كل مسود من اللمم والكاتبين بسمر الخط ما تركت
أقلامهم حرف جسم غبر منعجم شاكي السلاح لهم سيمى تميزهم
والورد يمتاز بالسيمى عن السلم تهدى إليك رياح النصر نشرهم
فتحسب الزهر في الأكمام كل كمي كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا
من شدة الحزم لا من شدة الحزم طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا
فما تفرق بين البهم والبهم ومن تكن برسول الله نصرته
إن تلقه الأسد في آجامها تجم ولن ترى من ولي غير منتصر
به ولا من عدو غير منقصم أحل أمته في حرز ملته
كالليث حل مع الأشبال في أجم كم جدلت كلمات الله من جدل
فيه وكم خصم البرهان من خصم كفاك بالعلم في الأمي معجزة
في الجاهلية والتأديب في اليتم خدمته بمديح أستقيل به
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم إذ قلداني ما تخشى عواقبه
كأنني بهما هدي من النعم أطعت غي الصبا في الحالتين وما
حصلت إلا على الآثام والندم فياخسارة نفس في تجارتها
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم ومن يبع آجلا منه بعاجله
يبن له الغبن في بيع وفي سلم إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض
من النبي ولا حبلي بمنصرم فإن لي ذمة منه بتسميتي
محمدا وهو الخليق بالذمم فضلا وإلا فقل يازلة القدم
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه أو يرجع الجار منه غير محترم
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يدا تربت إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت يدا زهير بما أثنى على هرم
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا و ضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب واجعل رجائي غير منعكس لديك واجعل حسابي غير منخزم
والطف بعبدك في الدارين إن له صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم
وائذن لسحب صلاة منك دائمة على النبي بمنهل ومنسجم
ما رنحت عذبات البان ريح صبا وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍ وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًى مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ عن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى ضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ
لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي بِرَدِّ جماحٍ من غوايتها كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع فَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ وما استقمتُ فماقولي لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ً ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلى أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى تحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ عن نفسهِ فأراها أيما شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ إنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ
فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ
مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ حِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُ قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ
وساء ساوة أن غاضتْ بحيرتها ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ حُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌ والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ أَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها
ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له
لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى
أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّبمِ كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به
مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً
فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها
تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ
ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ
سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ
وَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ
كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً
من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها
والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ
في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ
من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ
نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ
عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ
وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ
وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا
من العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ لمَّا دعا الله داعينا لطاعتهِ
بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ
كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ
حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ
أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها
ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ
بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍ
يرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ
يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ
مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ
وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ
ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً
فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت
من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ
أقلامهمْ حرفَ جسمٍ غبرَ منعجمِ شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ
والوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ
فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً
مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاً
فما تُفَرِّقُ بين البهم والبُهمِ ومن تكنْ برسول الله نصرتُه
إن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ
بهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْقصمِ أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ
كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ
فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ً
في الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ
ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ
كَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا
حصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ فياخسارة َ نفسٍ في تجارتها
لم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ
يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ
مِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي
مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ أو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ يدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ
يا أكرَمَ الخلق مالي مَنْ أَلُوذُ به سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْ إنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينَِّ إن لهُ صبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍ على النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباً وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ
فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ
فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ
فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ
لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً
وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ
وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً
وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ
عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ
كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ
واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ
أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ
أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ
لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ
أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ
لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ
تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي
أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ
إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها
فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ
أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها
وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ
فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ
وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ
وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ
وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ
وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ
وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ
أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ
أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ
أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ بِال
ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ
لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ ال
دَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ
إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ
وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ
ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها
وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ
قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد
يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ
مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ
وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ
وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ
طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ
بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ
سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ
ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ
لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ
قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً
وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ
عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها
كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ
أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها
لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ
كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ
جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ
أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى
تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ
فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني
تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ
مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً
يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ
زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها
وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ
كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ
تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ
باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً
كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ
فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ
يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ
فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ
وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ
فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت
وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ
يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً
وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ
فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً
وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ
فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها
وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ
فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ
وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ
فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ
فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ
يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ
لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ
Sign up for free to join this conversation on GitHub. Already have an account? Sign in to comment